شهدت الحياة العلمية والفكرية بمدطقة وادي مزاب خلال القرنين 18 و 19 الميلاديين، ازدهارا ورقيا حضاريَّا تركت بصمات جلية في مختلف نواحي الحياة المجتمع المزابي، وكان ذلك بفضل مجهودات العلماء وحلقة العزابة الذين ضحوا بأنفسهم في سبيل إعلاء كلمة الحق وتنوير المنطقة وإصلاح المجتمع، ومحاولة تحريره من آفة الجهل والأميَّة، وذلك من خلال التركيز على التربية والتعليم والإرشاد والإصلاح الديني، وبناء المؤسسات الثقافية التي ساهُت بشكل كبير في تثقيف المجتمع المزابي، والأهم من ذلك دورها في رصّ الصفوف وتوحيد الكلمة وتقويم سلوك الأفراد والجماعات، كما برزت في تلك الفترة مجموعة من العلماء الأجلاء الذين قادوا الحركة الثقافية وساهموا في تنميتها بما يضمن لها الاستمرار، فتعددت الكتابات والمؤلفات في العلوم الدقلية والعقلية، وانتشرت حركة النسخ، فاكتظت مكتبات مزاب بنفائس المخطوطات والكتب الثمينة، وغدت بذلك منطقة وادي مزاب حاضرة علمية رائدة تستقطب العلماء والباحثين من مختلف المناطق، لتبادل الآراء والأفكار، والاستفادة بما تزخر به المنطقة من تراث فكري وحضاري.